شمس أذنت بالمغيب ... لكن الفضاء الرحب مازال يتلون بحمرة شفقها
شجرة تساقطت أوراقها ... لكن الأرض ما زالت تشهد بضرب الجذور في عمقها
زهور قد حُنطت ... لكن عبيرها ما زال يفوح مع شمها
ماضٍ ولى زمانه و انتهى ... أم ذاكرة الحاضر و أصله و نسبه !
في كل بيت تلمحهم ... حاضرون بأجسادهم ، و مع ألبوم الصور و الذكريات تتنقل أعينهم ، و تستدعي الذاكرة التي تبدو حيناً من بعد ضعفٍ قوية ، و أحياناً لهذا الضعف تركن و تأوي ، فتعيد السؤال مرات و مرات و كأنه و لأول وهلة قد خطر لها.
الفرح و الحزن عندهم لأبسط الأشياء التي قد لا تكلفنا جهداً إن قدمنا ما يسعدهم أو أحجمنا عما يؤلمهم ، كانوا يوماً لا يألون جهداً لبذلها يتمنون حياتنا و طول العمر لنا ،
و اليوم ... إن قدمناها ، ننتظر معها فراقهم !!
أيادٍ غضة طرية .. كم حملتنا و هدهدتنا و أطعمتنا و سقتنا ،
أترانا اليوم نتتبع العروق في تلك الأيدي نقبلها عرفاناً و إكباراً ، أم نشيح بوجوهنا إنشغالاً ! بالأعمال و الأولاد و السفر و السهرات.
كبار السن من أجداد و جدات و آباء و أمهات ، من الأقارب و صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، من الجيران و الأصحاب ، في مرحلة من أصعب مراحل العمر ، و كلنا سائرون ، حيث الإحساس بالوحدة و العزلة و فقد الأنيس و الضعف في الجسد و النشاط ...
ماذا قدمنا لهم ، و كم بلغ حجم استثمارنا في سوق الحسنات بحسن معاملتهم و البر بهم ؟